الأدلة على صدق نبوة محمد رسول الله عليه أفضل الصلوات
في
الحصول على الرابط
Facebook
X
Pinterest
بريد إلكتروني
التطبيقات الأخرى
لما
كان المبشرون ومعظم المستشرقين يؤمنون بالوحي فسوف نجابههم بتحد كبير ،
وهو مطالبتهم بتقديم أوصاف الوحي الصحيحة وسماته في أنبياء كتابهم المقدس
الذي يؤمنون به ، ثم نحتكم إلى صحيحها في إعلان تحقق وحي الله إلى رسوله
محمد عليه أفضل الصلاة والسلام ... وفي تقديري أنهم لن يستجيبوا لهذا
التحدي أبداً ...
وإليك أخي القارىء الكريم بعض من أدلة صدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم :
أولاً : دليل الإلزام :
نريد أن نسأل اليهود : كيف آمنتم برسولكم موسى عليه السلام ؟
فإن قالوا : بسبب معجزاته ، أو
أخلاقه ، أو تشريعه ، أو تأييد الله له ونصرته ، أو استجابة دعائه ، أو عدم
رغبته في المصلحة الذاتية ، أو غير ذلك من الأدلة .
قلنا : كل ما ذكرتموه هو موجود في النبي صلى الله عليه وسلم .
وكذلك النصارى نسألهم هل هم يؤمنون
بنبوة موسى عليه السلام ؟، فإن الجواب سيكون :نعم . قلنا: كيف استدللتم على
نبوته ؟ . فإن قالوا: لأنه قد ذكره لنا عيسى .
قلنا : هل هناك دليل آخر؟ .
إن قالوا : لا يوجد دليل آخر على
نبوة موسى عليه السلام . قلنا: إذن أنتم صَحَّحْتم مذهب مَن كفر بموسى عليه
السلام من قومه ؛ حيث إن موسى عليه السلام لم يأت بدليل على رسالته ، ولم
ينزل عيسى عليه السلام في ذلك الوقت ، وأثبتم لمن آمن به أنه آمن بغير بينة
ولا علم ولا دليل ، وأن رسالة موسى علقت عن التصحيح قرونا متطاولة حتى بعث
الله عيسى عليه السلام .
فإن قالوا : نعم، هناك أدلة أخرى على رسالة موسى عليه السلام.
قلنا : كل دليل استدللتم به على نبوة موسى عليه السلام هو موجود في محمد صلى الله عليه وسلم.
فلا حجة إذن لرجل يهودي أو نصراني لا يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم ،ولكن صدق الله إذ يقول :
من أدلة صدق النبي صلى الله عليه
وسلم إقرار الله لدعوته ؛ فإن الله تعالى أخبر أن محمدا لو تقوّل على ربه
شيئا من الأقاويل لأهلكه : (( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ
الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ
الْوَتِينَ فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ )) [الحاقة
:41-47] وقال سبحانه : (( قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا
عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ
افْتَرَى )) [طه:61] ، وقال تعالى : (( قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ
عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ )) [يونس:69] ، وقال تعالى : ((
إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ )) [الزمر: 3] ، ولكن
النبي صلى الله عليه وسلم ما خاب بل هُدي وأفلح في كل المجالات ، وصار
دينه من أعظم الأديان في الأرض وأكثرها انتشارا.
وقد قرر ابن القيم - رحمه الله تعالى
- هذا الدليل أوضح تقرير ، فقال - رحمه الله - : وقد جرت لي مناظرة بمصر
مع أكبر من يشير إليه اليهود بالعلم والرياسة ، فقلت له في أثناء الكلام :
أنتم بتكذيبكم محمدا صلى الله عليه وسلم قد شتمتم الله أعظم شتيمة ، فعجب
من ذلك وقال : مثلك يقول هذا الكلام ؟ فقلت له : اسمع الآن تقريره ؛ إذا
قلتم : إن محمدا ملك ظالم ، وليس برسول من عند الله ، وقد أقام ثلاثا
وعشرين سنة يدعي أنه رسول الله أرسله إلى الخلق كافة ، ويقول أمرني الله
بكذا ونهاني عن كذا ، وأُوحي إلي كذا ؛ ولم يكن من ذلك شيء، وهو يدأب في
تغيير دين الأنبياء، ومعاداة أممهم ، ونسخ شرائعهم ؛ فلا يخلو إما أن
تقولوا : إن الله سبحانه كان يطلع على ذلك ويشاهده ويعلمه . أو تقولوا :
إنه خفي عنه ولم يعلم به . فإن قلتم : لم يعلم به . نسبتموه إلى أقبح الجهل
، وكان من عَلَم ذلك أعلم منه ، وإن قلتم : بل كان ذلك كله بعلمه ومشاهدته
واطلاعه عليه . فلا يخلو إما أن يكون قادرا على تغييره والأخذ على يديه
ومنعه من ذلك أو لا ، فإن لم يكن قادرا فقد نسبتموه إلى أقبح العجز المنافي
للربوبية ، وإن كان قادرا وهو مع ذلك يعزه وينصره ، ويؤيده ويعليه ويعلى
كلمته ، ويجيب دعاءه ، ويمكنه من أعدائه ، ويظهر على يديه من أنواع
المعجزات والكرامات ما يزيد على الألف، ولا يقصده أحد بسوء إلا أظفره به ،
ولا يدعوه بدعوة إلا استجابها له ، فهذا من أعظم الظلم والسفه الذي لا يليق
نسبته إلى آحاد العقلاء ، فضلا عن رب الأرض والسماء ، فكيف وهو يشهد له
بإقراره على دعوته وبتأييده وبكلامه ، وهذه عندكم شهادة زور وكذب ،فلما سمع
ذلك قال : معاذ الله أن يفعل الله هذا بكاذب مفتر بل هو نبي صادق .
ومثال هذا ( لو أن حاجب الأمير قال
للناس : إن الأمير قد أمركم بفعل كذا وكذا . فإن الناس يعلمون أنه لا يتعمد
الكذب في مثل هذا وإن لم يكن بحضرته ، فكيف إذا كان بحضرته وبعلمه)
وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا
يكاد يدعو بدعاء إلا استجاب الله تعالى له في الحال ، عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ :أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، مِنْ بَابٍ
كَانَ نَحْوَ دَارِ الْقَضَاءِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
قَائِمًا ثُمَّ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الْأَمْوَالُ
وَانْقَطَعْتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا . فَرَفَعَ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ :« اللَّهُمَّ أَغِثْنَا
اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا ». قَالَ أَنَسٌ :وَلَا
وَاللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلَا قَزَعَةً، وَمَا
بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلَا دَارٍ ،قَالَ :فَطَلَعَتْ
مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ
السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ، فَلَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا
الشَّمْسَ سِتًّا-وفي رواية : فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا وَضَعَهَا
حَتَّى ثَارَ السَّحَابُ أَمْثَالَ الْجِبَالِ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ
مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ صلى
الله عليه وسلم - ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فِي
الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَخْطُبُ،
فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا فَقَالَ :يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ
الْأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا
عَنَّا. قَالَ :فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ
ثُمَّ قَالَ :« اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى
الْآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ ».
قَالَ : فَمَا يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنِ السَّحَابِ إِلَّا
انْفَرَجَتْ ،فَأَقْلَعَتْ وَخَرَجْنَا نَمْشِي فِي الشَّمْسِ، وَصَارَتِ
الْمَدِينَةُ مِثْلَ الْجَوْبَةِ، وَسَالَ الْوَادِي قَنَاةُ شَهْرًا،
وَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَّا حَدَّثَ بِالْجَوْدِ.
إلى غير ذلك من الأدعية الكثيرة جدا،
التي استجاب الله له فيها بالحال ، وهذا لا يمكن أن يتيسر لكاذب، بل لا
يكون إلا لصادق مؤيد من الله،فيطوع له الطبيعة، ويسخر له السحاب والأمطار .
ثالثاً : تأييد الله له :
والأمثلة كثيرة نكتفي بثلاث ذكرها القرآن الكريم :
المثال الأول : تأييد الله لرسوله أثناء هجرته :
خرج النبي وصاحبه أبوبكر الصديق
مهاجرين إلى المدينة النبوية، واختفيا في غار ثور ثلاثة أيام، وصعد
المشركون إلى الغار بحثاً عن النبي وأبي بكر، فحمى الله نبيه وأبا بكر
منهما ، قال أبوبكر : قلت للنبي ونحن في الغار : لو أن أحدهم نظر إلى قدميه
لأبصرنا تحت قدميه ، فقال النبي : يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما
[1] ، وأشار القرآن إلى ذلك فقال تعالى : (( إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ
نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ
إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ
اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ
بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى
وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ))
(التوبة:40).
المثال الثاني : نصرة الله لرسوله بالريح الشديدة في غزوة الأحزاب :
فلقد تجمع الأحزاب من الكفار لقتال
النبي ، وكان عددهم نحواً من عشرة آلاف ، وتحالفوا مع اليهود القاطنين في
شرق المدينة على حرب النبي وأصحابه ، وأشتد الحال على المسلمين الذين حفروا
خندقاً بينهم وبين الكفار ، واستمر الكفار قريباً من شهر وهم يحاصرون
المسلمين في المدينة .
فدعا النبي ربه أن ينصره على
المتمالئين على الإسلام فقال : اللهم منزل الكتاب ، سريع الحساب ، اهزم
الأحزاب ، اللهم اهزمهم وزلزلهم[2] .
فاستجاب الله دعاء رسوله وأرسل على
الأحزاب ريحاً شديدةً اقضّت مضاجعهم ، وجنوداً زلزلتهم مع ما ألقى الله
بينهم من التخاذل فأجمعوا أمرهم على الرحيل وترك المدينة النبوية .
ولو كانت هذه المعجزة لم تقع لتشكك المسلمون في القرآن ، وربما ارتدوا عن دينهم، وقالوا : كيف نصدق ما لم يقع؟!
المثال الثالث : وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى :
يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم
في شأن القبضة من التراب التي حصب بها وجوه الكافرين يوم معركة بدر حين
خرج عليه الصلاة والسلام من العريش بعد دعائه وتضرعه واستكانته فرماهم بها
وقال " شاهت الوجوه " ثم أمر أصحابه أن يصدقوا الحملة إثرها ففعلوا فأوصل
الله تلك الحصباء إلى أعين المشركين فلم يبق أحد منهم إلا ناله منها ما
شغله عن حاله ولهذا قال الله تعالى : (( وَمَا رَمَيْت إِذْ رَمَيْت
وَلَكِنَّ اللَّه رَمَى )) أي هو الذي بلغ ذلك إليهم وكبتهم بها لا أنت .
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه
يعني يوم بدر فقال " يا رب إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبدا "
فقال له جبريل خذ قبضة من التراب فارم بها في وجوههم فأخذ قبضة من التراب
فرمى بها في وجوههم فما من المشركين أحد إلا أصاب عينيه ومنخريه وفمه تراب
من تلك القبضة فولوا مدبرين وقال السدي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لعلي رضي الله عنه يوم بدر " أعطني حصبا من الأرض " فناوله حصبا عليه تراب
فرمى به في وجوه القوم فلم يبق مشرك إلا دخل في عينيه من ذلك التراب شيء ثم
ردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم وأنزل الله : (( فلم تقتلوهم ولكن الله
قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى )) وقال أبو معشر المدني عن محمد بن
قيس ومحمد بن كعب القرظي قالا : لما دنا القوم بعضهم من بعض أخذ رسول الله
صلى الله عليه وسلم قبضة من تراب فرمى بها في وجوه القوم وقال " شاهت
الوجوه " فدخلت في أعينهم كلهم وأقبل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقتلونهم ويأسرونهم وكانت هزيمتهم في رمية رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأنزل الله " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى " وقال عبد الرحمن بن زيد بن
أسلم " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى " قال هذا يوم بدر أخذ رسول الله
صلى الله عليه وسلم ثلاث حصبات فرمى بحصبات ميمنة القوم وحصبات في ميسرة
القوم وحصبات بين أظهرهم وقال " شاهت الوجوه " فانهزموا وقد روي في هذه
القصة عن عروة عن مجاهد وعكرمة وقتادة وغير واحد من الأئمة أنها نزلت في
رمية النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر وإن كان قد فعل ذلك يوم حنين أيضاً (
تفسير ابن كثير )
رابعاً : إخباره بالغيب :
من أدلة صدق النبي صلي الله عليه
وسلم إخباره بالغيب سواء كان غيباً لاحقاً أو سابقاً أو حاضراً فقد أخبر
بالردة في زمن أبي بكر ، والفتنة في زمن علي وأخبر بأن الخلفاء الثلاثة عمر
وعثمان وعلي يقُتلون شهداء ، وأخبر بفتح القسطنطينية والحيرة ومصر وفارس
والروم وبيت المقدس، وأخبر بخروج كثير من الفرق كالخوارج والقدرية ، وبشر
كثير من الصحابة بالجنة فماتوا على الإيمان ، وبشر الكثير بالنار فماتوا
على الكفر، وأخبر بكثير من أشراط الساعة الصغرى وقد تحققت . وليرجع القارىء
الكريم الى مقال ( الأخبار المستقبلية في القرآن ودلالتها على مصدره
الرباني )
خامساً : الحقائق العلمية :
فلقد سبق القرآن الكريم العلم الحديث
بذكره لحقائق كثيرة لم يكتشفها العلم الا في العصر الحديث ، وليرجع
القارىء الكريم إلى مقال ( الحقائق العلمية في القرآن الكريم ودلالتها على
مصدرها الرباني )
سادساً : نشأته في بيئة أمية وإتيانه بعلوم إلهية :
لقد ظهر الرسول صلى الله عليه وسلم
من قبيلة ليسوا من أهل العلم ومن بلده كانت الجهالة غالبة عليهم . ولم يتفق
له الاتصال بعالم . فإذا نبت في هذه البيئة ثم بلغ في معرفة الله وصفاته
وأفعاله وأحكامه هذا المبلغ العظيم وجاء بكتاب يحتوي على مختلف العلوم عجز
جميع الأذكياء من العقلاء عن القرب منه ، فإن ذلك يحمل كل ذي عقل سليم وطبع
قويم على الاقرار بأن هذا العلم الفذ لا يتيسر لأحد من البشر إلا بتعليم
إلهي خاص . تأمل أخي القارىء الي قوله تعالى : (( تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ
الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا
قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ
)) [ هود : 49 ] وتأمل أخي القارىء في قوله تعالى : (( وَمَا كُنْتَ
تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا
لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ )) [ العنكبوت : 48 ]